مِن صُور مخالفة السُّنَّة في حفظ القرآن بالبرمجة اللغوية العصبية


تكرار: (أنا أَقْدِر.. أنا أَستطيع).
وهٰذا التكرار لهٰذه الألفاظ المخصوصة لِهٰذا الغرض المخصوص؛ التزامٌ لِمَا لم يُشرَع تكرارُه.
والسُّنَّةُ تَأمر بتَكرار الآياتِ نفسِها! عَنْ أَبِي مُوسَىٰ I عَنِ النَّبِيِّ Hقَالَ:
«تَعَاهَدُوا الْقُرْآنَ؛ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنَ الْإِبِلِ فِي عُقُلِهَا»([1]).

تخصيصُ (قَبْلَ النومِ) بهٰذا التكرار.
والسُّنّةُ نَصَّتْ علىٰ أذكارٍ محدَّدةٍ قَبْلَ النوم، ونُبِّهَ فيها الصحابيَّ I إلىٰ عدم استبدال كلمة (وَرسولك) بـ «نَبِيِّك»([2])، مما دلّ علىٰ أنَّ "الأذكارَ والأوراد تَوقيفيّة"([3]).

التهنئةُ الشخصيّة على الطَّاعة! بمعنىٰ أنّ مَن حَفِظتْ سورةً؛ فلتُهنّئ نفسَها؛ تشجيعًا علىٰ هٰذا العملِ الطيِّب، عن طريق كتابةِ شهادةِ تقديرٍ لِنَفْسها -مثلًا-!
والسُّنّة تُرَهِّبُ العَبْدَ مِن ضمانِ القَبول؛ فعن عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ H قَالَتْ:
سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ Hعَنْ هٰذِهِ الْآيَةِ:
وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ (المؤمنون: 60)، قَالَتْ عَائِشَةُ: أَهُمُ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ، وَيَسْرِقُونَ؟ قَالَ:
«لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ! وَلَـٰكِنَّهُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ، أُولٰئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ »([4]).
فمَن حفظت سورةً؛ فلْتَحْمَدِ اللهَ F علىٰ فَضْلِه، وتَسأله المزيد، ولْتَوجَلْ أن لا يُقبَل منها، فتَجْمع بهٰذا بين الخوف والرجاء، نعم تَسُرُّها حَسَنَتُها، ولٰكن لا تَجْزِم بِقَبولها لدرجة التهنئةِ والثناءِ على النَّفْس، كمَن فَقَدَ عقلَه!

تهْوين أمرِ مُراجعةِ المَحفوظِ مِنَ القرآنِ الكريم؛ لأنَّ (العقل اللاواعي لا يَنسىٰ أبدًا)! كذا قالوا.
والسُّنّة تُثبت أنَّ النسيان يقع، حتَّى في حقِّ النبيِّ G:
فعَنْ عَائِشَةَ J، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ H يَسْمَعُ قِرَاءَةَ رَجُلٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ:
«يَرْحَمُهُ اللَّهُ! لَقَدْ أَذْكَرَنِي آيَةً كُنْتُ أُنْسِيتُهَا»([5]).
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ L أَنَّ النَّبِيَّ H صَلَّىٰ صَلَاةً فَقَرَأَ فِيهَا فَلُبِسَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لِأُبَيٍّ: «أَصَلَّيْتَ مَعَنَا؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَمَا مَنَعَكَ [أَنْ تَفْتَحَ عَلَيَّ]؟»([6]).
ولهٰذا؛ لابد مِن تعاهُد القرآن الكريم، كما سبق أعلاه، وقد خصصنا مبحثًا من كتابنا لهٰذا الأمر المهمّ([7]).

وبعدُ.. فإنّ مما يُغني عن الإسهابِ بالسُّطُور في بيانِ المَطلوبِ مِن الحافظِة، والذي نُوْصي أختَنا المعلمةَ بتربيةِ الطالباتِ عليه وتزكيتِهنّ به: سَطْرًا واحدًا مِنَ السُّنّة المُطهَّرة!
«احْرِصْ عَلَىٰ مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَلَا تَعْجَزْ»([8]).
فيا أختنا الحافظة!
احذري تلك التُّرَّهات التي تُمَجِّد العقلَ وتُخْرِجُه عن عُبودِيَّتِه لِخالِقه B، واحرِصي علىٰ حِفظ القرآن الكريم، طالبةً العَونَ مِنَ الله، واثقةً به C، ولا تَكْسَلِي عن بلوغ غايتك؛ فجِدِّي واجتهدي. واللهُ الموفِّق.



لقراءة رأس الكلام في المسألة؛ يُنظر هنـــــــا




([1]) متفق عليه، وهو في "صحيح البخاري" (66- فَضائل القُرآن/ 23 - اسْتِذْكَار الْقُرْآنِ وَتَعَاهُدِهِ/ 5033).
([2]) عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ I قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ H: «إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِــعْ عَلَىٰ شِقِّكَ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلْ: (اللَّهُمَّ! أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ! آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ)؛ فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ؛ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ»، قَالَ: فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ H، فَلَمَّا بَلَغْتُ: اللَّهُمَّ! آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ؛ قُلْتُ: وَرَسُولِكَ؛ قَالَ: «لَا؛ وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ». متفق عليه، وهو في "صحيح البخاري" (4- الوُضُوء/ 75- فَضْل مَنْ بَاتَ عَلَى الْوُضُوءِ/ 247).
([3]) يُنظر "أصل صفة صلاة النَّبيِّ H" (3/ 943).
([4]) سبق (1/ 186).
([5]) رواه أبو داود وابن حبان وغيرُهما X، وصححه الوالد V "التعليقات الحسان" (107).
([6]) انظري الحاشية في (3/ 193).
([7]) مبحث: التوجيه إلىٰ تعاهُد الحفظ (3/ بدءًا مِن 361).
([8]) سبق (1/ 392).