عن وَاسِعِ بنِ
حَبَّانَ "عن سَعْدِ بْنِ الْمُنْذِرِ الْأَنْصَارِيِّ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّه قال:
يا رَسَولَ اللهِ! أَقْرَأُ القُرْآنَ في ثَلَاثٍ؟
قال:
عَنْ عَبْدِ
اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«اقْرَأِ
الْقُرْآنَ فِي شَهْرٍ». فَقُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذٰلك. فَلَمْ
أَزَلْ أَطْلُبُ إِلَيْهِ، حَتَّىٰ قَالَ:
«اقْرَأِ
الْقُرْآنَ فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ»([2]).
قال العلامة المناوي -(ت1031ﻫ) رَحِمَهُ اللهُ- عن هٰذا
الحديث:
وعنه رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلِهِ وَسَلَّمَ
قال له:
«اقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ». قَالَ:
قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ! إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ
مِنْ ذٰلِكَ. قَالَ:
«فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ عِشْرِينَ» قَالَ:
قُلْتُ:
يَا نَبِيَّ اللهِ! إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذٰلِكَ.
قَالَ:
«فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ عَشْرٍ». قَالَ:
قُلْتُ:
يَا نَبِيَّ اللهِ! إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذٰلِكَ.
قَالَ:
«فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ سَبْعٍ، وَلَا تَزِدْ
عَلَىٰ ذٰلِكَ؛ فَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِزَوْرِكَ([4]) عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا»([5]).
وفي روايةٍ لِلإمام أحمد([6])رَحِمَهُ
اللهُ:
"قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! فِي كَمْ
أَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ:
«اقْرَأْهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ». قَالَ: قُلْتُ:
إِنِّي أَقْوَىٰ عَلَىٰ أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ. قَالَ:
«اقْرَأْهُ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ» قُلْتُ:
إِنِّي أَقْوَىٰ عَلَىٰ أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ. قَالَ:
«اقْرَأْهُ فِي عِشْرِينَ» قَالَ: قُلْتُ:
إِنِّي أَقْوَىٰ عَلَىٰ أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ. قَالَ:
«اقْرَأْهُ فِي خَمْسَ عَشْرَةَ». قَالَ:
قُلْتُ: إِنِّي أَقْوَىٰ عَلَىٰ أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ. قَالَ:
«اقْرَأْهُ فِي عَشْرٍ». قَالَ: قُلْتُ:
إِنِّي أَقْوَىٰ عَلَىٰ أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ. قَالَ:
«اقْرَأْهُ فِي سَبْعٍ». قَالَ: قُلْتُ:
إِنِّي أَقْوَىٰ عَلَىٰ أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ. قَالَ:
«لَا يَفْقَهُهُ مَنْ يَقْرَؤُهُ فِي أَقَلَّ مِنْ
ثَلاَثٍ».
قال العلَّامة المناوي (ت1031ﻫ) رَحِمَهُ اللهُ:
«اقْرَأْهُ فِي عِشْرِينَ» في كلِّ يومٍ وليلة = ثلاثة أحزاب.
«اقْرَأْهُ فِي عشر» بأن تقرأ في كلِّ يوم
وليلة = ستةَ أحزاب.
«اقْرَأْهُ فِي سَبْعٍ» أي في أسبوع.
«وَلَا تَزِدْ عَلَىٰ
ذٰلِكَ» فإنَّ قارئه ينبغي أن يتفكَّرَ في معانيه وأمْرِه
ونَهْيِه ووَعْدِه ووَعيده، وتَدبُّرُ ذٰلك لا يَحْصُل في أقلّ مِن أسبوع، وأنَّىٰ
به؟!
ومِن ثَمَّ رأىٰ جَمْعٌ قراءتَه في الأسبوعِ مِن
الوِرْدِ الحَسَن" اﻫ([8]).
قال الحافظ النووي (ت676ﻫ) رَحِمَهُ اللهُ:
"والاختيارُ أنّ ذٰلك يَختلف باختلافِ الأشخاص([9])؛
فمَن كان يَظهَرُ له بِدَقيقِ الفِكْرِ لَطائفٌ ومعارفٌ؛ فَلْيَقتصِرْ علىٰ قَدْرٍ
يُحَصِّلُ له فَهْمَ ما يَقرأ، وكذا مَن كان مَشغولًا بِنَشرِ العلمِ أو غيرِه مِن
مُهِمَّاتِ الدِّينِ ومَصالحِ المسلمين العامَّةِ؛ فلْيَقْتَصِرْ علىٰ قَدْرٍ لا يَحْصُلُ
له بِسَبِبِه إخلالٌ بما هو مُرصَدٌ له، ومَن لم يكن مِن هٰؤلاء المَذكورين؛ فلْيَسْتَكثِرْ
مَا أَمْكَنه([10])
مِن غيرِ خُروجٍ إلىٰ حَدِّ المَلَلِ أَوِ الهَذْرَمةِ" اﻫ([11]).
وفي روايةٍ
أنه رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال:
"جَمَعْتُ الْقُرْآنَ فَقَرَأتُهُ كُلَّهُ في
لَيْلَةٍ، فقال رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِنِّي
أَخْشَىٰ أَنْ يَطُولَ عَلَيْكَ الزَّمَانُ وَأَنْ تَمَلَّ؛ فَاقْرَأْهُ فِي
شَهْرٍ» فَقُلْتُ:
دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي،
قَالَ:
«فَاقْرَأْهُ
فِي عَشْرَةٍ» قُلْتُ:
دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي،
قَالَ:
«فَاقْرَأْهُ
فِي سَبْعٍ» قُلْتُ:
"قوله: (جَمَعْتُ الْقُرْآنَ) أي: حَفِظْتُه.
(فَقَرَأتُهُ كُلَّهُ في لَيْلَةٍ) أي: جعلتُ قراءتَه
كلَّه في الصلاةِ في لَيلةٍ عادةً لي.
«أَنْ
يَطُولَ عَلَيْكَ الزَّمَانُ» أي: أنْ
تَصِيرَ شَيخًا كَبيرًا ضَعيفًا لا تُطِيقُ المُدَاوَمَةَ علىٰ هٰذه العادة.
«وَأَنْ
تَمَلَّ» بفتح الميم أي: يَعْرِض المَلَالُ بالْمُضِيِّ علىٰ
هٰذه العَادَةِ.
(أَسْتَمْتِعْ)
بالجزم: جواب الأمر.
وفي روايةٍ
للترمذيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«اقْرَأِ
الْقُرْآنَ فِي أَرْبَعِينَ»([14]).
قال الإمام الترمذي -(ت279ﻫ) رَحِمَهُ اللهُ- بعد
روايته له:
"قَالَ إِسْحَـٰقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَلَا
نُحِبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَمْ
يَقْرَأِ الْقُرْآنَ؛ لِهٰذا الْحَدِيثِ" اﻫ([15]).
قال العلَّامة المناوي -(ت1031ﻫ) رَحِمَهُ اللهُ- في شرح هٰذا الحديث:
"ليكون حصَّةُ كلِّ يومٍ نحوَ مئتينِ وخَمسين آية؛ وذٰلك
لِأنَّ تَأخيرَه أكثرَ منها يُعرِّضُه لِلنسيانِ والتهاوُنِ به" اﻫ([16]).
([4]) "«لِزَوْرِك» بِفَتْحِ
الزَّايِ وَسُكُونِ الْوَاوِ؛ لِضَيْفِك، وَالزَّوْرُ مَصْدَرٌ وُضِعَ مَوْضِعَ الِاسْمِ،
كَصَوْمٍ فِي مَوْضِع صَائِم، وَنَوْمٍ فِي مَوْضِع نَائِم، وَيُقَال لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْع
وَالذَّكَر وَالْأُنْثَىٰ: زَوْرٌ، قَالَ ابْنُ التِّين: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُون
(زَوْرٌ) جَمْعَ زَائِر، كَرَكْبٍ جَمْعِ رَاكِبٍ، وَتَجْرٍ جَمْعِ تَاجِر"
اﻫ مِن "فتح الباري" (4/ 257).