فتوىٰ للوالد -رَحِمَهُ اللهُ- في حُكم التجويد وهل هو واجب؟



قال الوالد -رَحِمَهُ اللهُ- في سياقِ جوابِه عن سؤال يتعلَّق بحُكم التجويد وهل هو واجب:

"أنا مطمئنٌّ تمامًا أنَّ واجِبَ مَن لَا عِلْمَ عِنْدَهُ أنْ يَتَّبعَ مَن كان عِنْدَهُ عِلْمٌ بمَسألةٍ ما، ففيما يتعلَّقُ بالأحكامِ الشرعيَّةِ: ليس لِعامَّةِ الناسِ أن يقولوا: لا؛ هٰذا ليس صحيحًا، و: هٰذا ليس معقولًا! لا؛ ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (34)﴾ (النَّحل)، هٰؤلاء علماءُ التجويدِ في هٰذا العلم هُم: أَهْـلُ الـــذِّكــر، فإذا قالوا -مثلًا-: أحكامُ التجويدِ كلُّها لِلوجوب، وكلُّها تَلقَّيناها عن مشايخِنا بالتوارُث، خَلَفًا عن سَلَف؛ فيجب على الآخَرين -مِن أمثالِنا([1])- أن يتَّبِعوهم فيما يقولون.
الشأنُ في ذٰلك كالأحكامِ الشرعيَّة؛ يجب علىٰ كُلِّ مسلمٍ أن يَفْهَم الحُكمَ الشرعيَّ بطريقِ دِراستِه الشرعيَّةِ إنْ كان دارِسًا، أو إنْ كان أُمِّيًّا؛ أن يَسألَ العالِم، ويُفْتِيه ويَعمل به، فإذا خالَفَ؛ يكون عاصيًا؛ لِأنَّ اللهَ يقول: ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (34)﴾ (النَّحل)، فهو ليس بالعالِم حتَّىٰ يَسأل نَفْسَه! ولا هو بالسائلِ مع أنه جاهِل، أو يَركب رأسَه ويُفتيها بما عنده مِن جَهْلٍ! فكما أنّ هٰذا لا يجوز في الأحكام، وعليه أن يَسألَ أهلَ العِلم؛ كذٰلك لا يجوز في التجويد، وعليه أن يَسأل أهلَ العلم.
وكما أنه فيما يتعلَّق بالأحكامِ: إذا سأل عالِمًا وعَمِلَ بفَتواه، ثم تبيَّن له فيما بَعْدُ أنّ هٰذه الفتوىٰ مخالِفة لدليلٍ مِنَ الكتابِ والسُّنَّة؛ يجب أن يَرجِعَ عنها إلىٰ ما قام الدليلُ عليه مِنَ الكتاب والسُّنَّةِ؛ كذٰلك يجب بالنسبةِ لِعُلماءِ التجويدِ أن يُسألوا وأن يُفتُوا بما عِندهم، أصابوا أم أخطأوا؛ هٰذا أولًا بينهم وبين ربِّهم، ثانيًا: بالنسبةِ لنا نتَّبعُهم؛ لِأنه ليس لنا خِيَرةٌ بأنْ نَدَعَ رأيَ العُلماءِ المُتَخَصِّصين إلىٰ جهْلِنا نحن بهٰذا العلم، فعلينا أن نتَّبِعَ، فإذا ظهر لنا أنَّ في هٰذا الاتِّباع شيئًا مِن المخالفة بالدليل الشرعيّ؛ خالَفْناهم واتَّبَعْنا الدليلَ الشرعيَّ" اﻫ([2]).


([1]) إذا كان هٰذا واجبَهم وهُمُ العُلــماء، فماذا نقول نحن وكُلُّ مَن سِوىٰ هٰؤلاءِ الأَثْبات؟!
([2]) "سلسلة الهدىٰ والنور" الشريط (372)، أواخر الدقيقة (42).